
(اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي، وَعَافِنِي، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ضِيقِ الْمَقَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)
عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، قَالَ: «سَأَلْتُ عَائِشَةَ: بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَفْتَتِحُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قِيَامَ اللَّيْلِ؟ فَقَالَتْ: لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ، كَانَ إِذَا قَامَ كَبَّرَ عَشْرًا، وَحَمِدَ اللهَ عَشْرًا، وَسَبَّحَ عَشْرًا، وَهَلَّلَ عَشْرًا، وَاسْتَغْفَرَ عَشْرًا، وَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي وَعَافِنِي، وَيَتَعَوَّذُ مِنْ ضِيقِ الْمَقَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». [(حسن صحيح) سنن أبي داود (766) وابن ماجه (1356)، والنسائي (1617)] وفي رواية أنه قال: ((اللَّهم إني أعوذ بك من ضيق الدنيا، وضيق القيامة) [صحيح ابن ماجه (1356)].
أصل هذا الدعاء الجامع أن عائشة رضي الله عنها أخبرت عن قيام الليل للنبي صلى الله عليه وسلم، واستفتاحه بالصلاة بهذا الدعاء والذكر.
وهذا الدعاء قد جمع خيري الدنيا والآخرة، وفيه استعاذة من الشرور في الدنيا والآخرة.
قوله: (اللَّهم اغفر لي): أي استر يا اللَّه ذنوبي، وتجاوز عنها، (واهدني): فيه سؤال اللَّه الهداية الكاملة، وهي الدلالة والمعرفة إلى طرق الحق، والتوفيق على هذا الطريق المستقيم بأن لا يزيغ عنه إلى أن يلقى ربه عز وجل، فعندما يسأل العبد (الهداية) ينبغي له أن يستحضر هذه المعاني.
قوله: (وارزقني): الرزق النافع الطيب الحلال الذي يعود على بالبركة، والخير، و (عافني): أي من جميع البلايا والشرور في الدين والدنيا والآخرة، ففيه سؤال اللَّه السلامة الكاملة من كل شرّ، المتضمن العافية والصحة، ثم استعاذ من ضيق المقام يوم القيامة؛ فإنه مقام عظيم من كثرة الخلق، والحر الشديد، والبلاء الرهيب، فتلك الاستعاذة تتضمن سؤال اللَّه تعالى النجاة والسلامة من شرّ هذا اليوم، وفي الرواية الأخرى: (اللَّهم إني أعوذ بك من ضيق الدنيا): لأن ضيقها يشتّت العقل، ويشغل القلب بالهمّ، والحزن، وضيق النفس، فينشغل عن كثير من العبادات النافعة، والمصالح المهمّة، وتضمّن هذا الدعاء كذلك سؤال اللَّه الراحة النفسية، والبدنية، وطيب النفس والحياة.
وهذا يدلنا على أهمية التمسك، والعناية بالأدعية الشرعية؛ فإنها كاملة في ألفاظها، شاملة في معانيها، ومدلولاتها، فهي تجمع من كل خير في الدين، والدنيا، والآخرة.
وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. انشر تؤجر وشاركنا تعليقاتك.
ينظر: شرح الدعاء. ماهر بن عبد الحميد (493: 494)]